السياسة الصناعية في امريكا
- بواسطة الادمن
- 2023-03-01
- 957
يترسخ حالياً في الولايات المتحدة الأمريكية جيل جديد من السياسات الصناعية، فتحت ظل قيادة الرئيس جو بايدن، أنشأت الحكومة الفيدرالية برامج جديدة رئيسية من خلال قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف (550 مليار دولار)، وقانون الرقائق والعلوم (280 مليار دولار)، وقانون الحد من التضخم (394 مليار دولار). إن هذه ليست إجراءات تقليدية تتعلق بالإنفاق من أجل تحفيز الطلب، بل هي كما توضّح وزيرة الخزانة جانيت يلين استثمارات تتعلق بالتوريد بغرض تعزيز القدرة الاقتصادية الأمريكية بشكل عام وفي القطاعات الرئيسية مثل أشباه الموصلات والطاقة المتجددة
وفي حين تختلف الأحكام الفردية وعمليات التمويل في تلك البرامج الثلاثة، الا انها تستند جميعاً إلى نموذج القطاعين العام والخاص والذي لعب دوراً حيوياً بالنسبة للقدرة التنافسية للولايات المتحدة الأمريكية خلال القرن الماضي. إن هذه البرامج مصممة لاجتذاب الاستثمار الخاص وتسريع وتيرته وليس بديلاً عنه، ومن ثم فإن جزءًا كبيرًا من تمويلها -في واقع الأمر غالبيتها في حالة قانون الحد من التضخم وقانون الرقائق- يأتي على شكل إعفاءات ضريبية للشركات
ستشجع البرامج أيضاً المزيد من التغييرات التنظيمية الداعمة -على سبيل المثال في مجال السماح بمشاريع الطاقة الخضراء وتحديد مواقعها من قبل حكومات الولايات والحكومات المحلية والمسؤولة عن الجزء الأكبر من التنمية الاقتصادية في الولايات المتحدة الأمريكية. إن هذه البرامج تشترك في العديد من الخصائص التي أصبحت تعكس نهجًا جديدًا "مستداماً ومنصفاً " للسياسة الصناعية حيث تشمل التركيز على التنمية الاقتصادية الإقليمية على أساس الأولويات المحلية ومع التركيز على بناء القدرات في المجتمعات المهمشة بالإضافة الى روابط صريحة بالتعليم ما بعد الثانوي وتنمية القوى العاملة وتحقيق التكامل عبر القطاعات مع الخدمات الرئيسية مثل الرعاية الصحية والتعليم
تعد القوى العاملة التي تتمتع بالصحة والمهارة العامل الأكثر أهمية في جذب أصحاب العمل والشركات في القطاعات الرئيسية والاحتفاظ بهم، ولهذا السبب فإن العديد من الولايات والمدن والمناطق تزيد من استثماراتها في تنمية القوى العاملة لضمان تمتع سكانها بالمهارات المناسبة للاستفادة من فرص العمل الجديدة في البنية التحتية وأشباه الموصلات والصناعات المتعلقة بالمناخ
إن ولاية كاليفورنيا هي مثال على ذلك. تنفق الولاية أكثر من أي ولاية أخرى على التعليم العالي وقد استثمرت في برامج التدريب المهني الجديدة لكليات المجتمع والمسارات المهنية للتعليم الفني في مدارسها العامة، وطبقا لأفضل الحالات فإن برامج تطوير القوى العاملة تمتد من مرحلة ما قبل المدرسة إلى التعليم العالي ومن ثم الارتباط مع صاحب العمل
تدرك برامج السياسة الصناعية الثلاثة الكبرى لإدارة بايدن أهمية رأس المال البشري في بناء القدرة على التوريد ويقدم كل منها بعض الدعم لتنمية المهارات بشكل أساسي من خلال الإعفاءات الضريبية لأصحاب العمل. يحتوي قانون الحد من التضخم على سبيل المثال على عشرات الإعفاءات الضريبية المتعلقة بالطاقة لتوسيع الوصول إلى التعليم المهني والوظائف بالأجور السائدة. لكن اعتمادًا مقترحًا بقيمة 40 مليار دولار لتنمية مهارات القوى العاملة لم يدخل في مشروع القانون النهائي مما يعني أن المهمة قد تُركت إلى حد كبير للمدن والولايات وأصحاب العمل والأفراد
إن السياسة الصناعية تعتبر محورية بالنسبة لبرنامج بايدن الاقتصادي. إن التوصل الى سياسة صناعية صحيحة ليس بالأمر السهل ولكن التوصل الى سياسة صناعية على أساس المكان سيكون أكثر صعوبة. لكن القيام بذلك الآن يعتبر أمراً ضرورياً لتحقيق نمو أكثر إنصافاً واستدامة